![]() |
سجن صيدنايا في ريف دمشق سوريا |
الداخل مفقود والخارج مولود هكذا كان حال المسيحيون المعتقلون في سجون سوريا
يعتقد كثيرون أنّ المسيحيين في سوريا امتلكوا مساحة أكبر من غيرهم للتعبير عن آرائهم وتطلّعاتهم، لكنّ الحقيقة تقول خلاف ذلك.
لم يستثنِ نظام حكم الأسد الأب والابن أيّ فئة من القتل أو الاعتقال، وتجاوزها إلى خطف اللبنانيين من مدنهم وأَسرهم في سوريا.
في حديث خاص إلى «آسي مينا» يروي المهندس فراس حليسو، سوري مسيحي وقائد كشفي سابق في مجموعة مار إغناطيوس الكشفية اليسوعية، قصة اعتقاله وقصص من عرفهم:
«عام 2011 صدرت في حقي مذكرة تبليغ بجرم "النيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات الطائفية".
راجعتُ في إثرها فرع أمن الدولة قرب قصر المحافظ في مدينة حلب. اعتقدتُ أنّ الأمر مقتصر على بعض الأسئلة السريعة، لكنّني بقيت معتقلًا عشرة أيام».
وتابع:
«نُقلت إلى فرع الأمن الجنائي، وهناك حُقِّق معي وأنا معصوب العينين وحافي القدمين. سُئلت من أقصد بالجزّار في قصة "الجزّار والخرفان" التي كتبتها في فيسبوك.
لم أُفصح، ومع كلّ تكرار للسؤال كُنت أضرَب بأنبوب سيليكوني قاسٍ. طبعًا قصدتُ بالجزار بشار الأسد، لكنّ تفوّهي بذلك سيودي بي إلى سجن صيدنايا. أذكر حينها أنّني كنت آخر من حُقِّق معه.
وفي لحظات الانتظار الصعبة، وأنا أسمع أصوات تعذيب من سبقني، رددتُ مكرِّرًا المزمور 142 ومستهلّه:
"بصوتي إلى الربّ أصرخ، بصوتي إلى الربّ أتضرّع"، إذ عمل على تعزيتي».
![]() |
فراس حليسو |
وأضاف حليسو:
«بعدها حُوِّلت إلى القصر العدلي ومن ثم إلى سجن حلب المركزي، والتقيت هناك أحمد، وهو شاب عشريني روى لي كيف اعتُقل قرابة سنة بتهمة الانتماء إلى تنظيم غايته قلب نظام الحكم. وعندما سألتُه عن أثر جرح معصمه الواضح، أخبرني بأنّه نتيجة محاولته الانتحار بعدما تُرِك معلّقًا من يديه أيامًا طويلة في أحد أقبية فرع المخابرات الجوية المعتمة، لكنّ رفاقه في المعتقل أنقذوا حياته».
وأوضح حليسو أنّ بعد الإفراج عنه خضع أكثر من مرة للتحقيق والاستجواب، وهو ما شكّل ضغطًا نفسيًّا كبيرًا عليه، خصوصًا مع اعتقال شقيقته مدة 73 يومًا وتعرّضها للتعذيب؛ حينها، قرر الهجرة مع عائلته إلى فرنسا.
وأكد وجود عدد غير قليل من المسيحيين ممّن ذاقوا مرارة الاعتقال التعسفي في زمن الأسد الأب والابن، منهم كريم عربجي الذي كان أحد مؤسّسي منتدى «أخوية» الحواري الإلكتروني.
فضلًا عن سائق الأجرة عماد خبازه الذي اعتُقل بسبب مجموعة لا يعرفها أوصلها إلى وجهتها. وبعد يومين من الاعتقال اتصل المستشفى الجامعي بذويه طالبًا منهم الحضور لتسلّم جثته.
وختم حليسو:
«على رجال الدين الوقوف ضد القمع والتعذيب وإهانة كرامة الإنسان. هذا لا يُعدّ تدخلًا في السياسة كما كان يشاع، بل يصبّ في الشأنَين الإنساني والمجتمعي.
مع ذلك يمكن أن أتفهّم وجود كاهن صامت بسبب الخوف، لكنّني لا أتفهّم المادحين».
المعتقلون اللبنانيون
وكشف سويدان أنّ بعد فتح السجون في سوريا الشهر الماضي حُرِّر تسعة لبنانيين، أحدهم مسيحي وهو سهيل حموي، الذي أمضى نحو 33 سنة بين القضبان. وهو يتلقّى الآن العلاج مع إعادة تأهيله صحّيًّا ومجتمعيًّا بمبادرات فردية، إذ إنّ الدولة اللبنانية غائبة.
وذكّر باتفاقية العام 1951 بين سوريا ولبنان والتي تنصّ على عدم أحقّية أيٍّ من الطرفين باحتجاز شخص من الدولة الأخرى أو محاكمته، لكنّ النظام السوري لم يعمل بها.
وعن أساليب التعذيب، بيّن سويدان أنّه اعتُقل مدة خمسة أعوام ذاق في خلالها مرارة التعذيب على كرسي الكهرباء.
مع ذلك، يجد نفسه محظوظًا إذ إنّ هناك من اختبر وسائل تعذيب أشدّ فتكًا. وشدّد على أنّ التهم بحق اللبنانيين كانت مُعدّة مسبقًا كلّ بحسب دينه أو مذهبه.
خادم الرب
أترك تعليقك الجميل هنا